نازحو شمال غزة.. يهربون من الموت قصفاً ليواجهوا الجوع بأيادٍ خاوية

نازحو شمال غزة.. يهربون من الموت قصفاً ليواجهوا الجوع بأيادٍ خاوية
أطفال فلسطين يواجهون الجوع في غزة

في ظروف إنسانية ومعيشية صعبة، وجد مئات من النازحين من شمال قطاع غزة الذين اضطروا للفرار من الحرب، ملاذًا في مدينة غزة، بعدما تحول شمال القطاع إلى ساحة حرب لا تميز بين مدني أو مقاتل.

نزوح قسري نحو "المجهول"

قطع النازحون، وفق تقرير اليوم الثلاثاء لوكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” أكثر من 15 كيلومترًا مشيًا على الأقدام، يحملون معهم ذكريات منازلهم التي دُمرت بفعل القصف الإسرائيلي العنيف. 

الرحلة لم تكن مجرد انتقال من مكان إلى آخر، بل كانت نزوحًا نحو المجهول، حيث لا مكان يؤويهم سوى الأماكن التي تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة. 

تحولت الملاعب الرياضية إلى مراكز إيواء مكتظة، ومنازل مدمرة آيلة للسقوط أصبحت ملاذًا لهم وسط سيل من الجوع والعطش والحصار المستمر.

وصل هؤلاء المواطنون إلى مدينة غزة في حالة يرثى لها، جوعى وعطشى، بعد أن تم حرمانهم من الغذاء والماء لعشرات الأيام نتيجة الحصار الإسرائيلي الخانق. 

وعلى الرغم من الهروب من جحيم الشمال، فإنهم وجدوا أنفسهم في مواجهة ظروف إنسانية ومعيشية صعبة لا تقل قسوة عن تلك التي تركوها وراءهم.

مراكز إيواء مكتظة

أحد أبرز الأماكن التي استضافت هؤلاء النازحين كان ملعب اليرموك في وسط مدينة غزة

في الماضي، كان هذا الملعب يشهد مباريات كرة القدم وتصدح فيه هتافات المشجعين، لكن اليوم تحول إلى مكان محاط بالخيام الممزقة، حيث يبيت النازحون في ظل ظروف قاسية. 

الشح في المياه والطعام، والافتقار إلى أدنى مقومات النظافة الشخصية، يجعل الحياة في هذه الخيام أشبه بعذاب مستمر.

"لا يمكن العيش في خيمة، وخاصة عندما تكون قد اعتدت الحياة في منزل"، يقول حمدي أمن، أحد النازحين من بلدة بيت لاهيا. 

يضيف حمدي: "رفضنا النزوح إلى جنوب قطاع غزة في بداية الحرب، لكننا لم نجد خيارًا آخر بعدما طال العدوان". 

ويصف الحياة في مخيم النازحين بأنها "قاسية جدًا"، حيث تقتصر المياه على كميات ضئيلة تكاد تكفي للشراب والغسيل فقط، بينما يكتفي النازحون بما توفره لهم بعض المبادرات الخيرية من طعام، لكن بكميات لا تفي بالحاجة.

برد وظروف قاسية

أجواء الخريف الباردة تزيد من معاناتهم داخل الخيام، حيث يواجه النازحون في غزة ليالي قاسية من البرد. 

"والدي المسن يئن طوال الليل من شدة البرد، لكنه لا يملك من يمده بغطاء أو ملابس دافئة"، يقول رامي المدهون، الذي نزح هو وعائلته من مخيم جباليا. 

يعبر رامي عن أمله في أن تقوم المنظمات الدولية بالضغط على إسرائيل لوقف الهجوم على شمال قطاع غزة، لكن الأمل يبدو ضئيلًا وسط هذه الظروف المأساوية.

حياة بين الركام والموت

أما علا فايز، التي نزحت من مخيم جباليا بعد استشهاد زوجها في قصف إسرائيلي في يوليو الماضي، فتسرد معاناتها في منزل متهدم بمدينة غزة. 

تقول علا: "بعد استشهاد زوجي، لم نجد مكانًا نلجأ إليه سوى المنازل المدمرة والآيلة للسقوط".

تحاول فايز تغطية جدران المنزل القابلة للسقوط بقطع من القماش، تخشى على أطفالها الأربعة من انهيار الجدران عليهم أثناء كل انفجار قريب. 

ورغم هذه المعاناة، فإن المأساة تتضاعف نتيجة المجاعة التي اجتاحت قطاع غزة، إذ لا يكاد يوجد طعام، والأسعار تجاوزت الحد المعقول.

تضيف علا، "نكتفي بقليل من المعلبات التي تُباع بأسعار خيالية"، مشيرة إلى أن الوضع المعيشي بات كارثيًا بشكل متزايد. 

وباتت غالبية المناطق في غزة تعاني من نقص حاد في المواد الغذائية بسبب الحصار الإسرائيلي، مما يزيد من معاناة المواطنين في ظل عدم وجود أي أفق لحل قريب.

مأساة مستمرة تحت الحصار

منذ أكتوبر 2023، استمر العدوان الإسرائيلي على شمال قطاع غزة، وسط حصار خانق يمنع إدخال الطعام والماء والأدوية. هذا التصعيد العسكري غير المسبوق، الذي أسفر عن استشهاد أكثر من 146 ألف شخص وإصابة عشرات الآلاف، معظمهم من النساء والأطفال، وضع غزة في قلب واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم. 

وقد استمر هذا الهجوم بالرغم من القرارات الدولية التي طالبت بوقفه، مما يعكس استهتارًا بالقانون الدولي وحقوق الإنسان.

وبينما يعاني النازحون في مدينة غزة، وسط ظروف إنسانية مأساوية، فإن الأمل يبدو ضئيلا في تحسن الوضع، خاصة في ظل التدهور المتسارع للأوضاع في شمال القطاع.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية